Admin Admin
المساهمات : 238 تاريخ التسجيل : 16/07/2008
| موضوع: كلمة السيد الأستاذ/ عبدا لرحمن عبد الرحمن العرباوى بمناسبة الاحتفال بذكرى هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الجمعة ديسمبر 25, 2009 12:56 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم كلمة السيد الأستاذ/ عبدا لرحمن عبد الرحمن العرباوى رئيس الوحدة المحلية بشبرا ملس بمناسبة الاحتفال بذكرى هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بمركز شباب شبراملس الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد،،،
السادة الحضور:
فنقف لنتذكر مع مطلع كل عام هجري جديد لنلقي نظرة على قيمنا، وأمجادنا، وتاريخنا، وحاضرنا، ومستقبلنا.. نقف لنتذكر كل صنوف العنت والمعاناة التي واجهها المسلمون في مكة على يد صناديد قريش، وأن الله تعالى قد اختار لهذه الدعوة منذ أول يوم ميدانًا من أشد الميادين شراسة وضراوة.
نقف لنتذكر المهاجرين الأوائل إلى الحبشة وبيعة العقبة الأولى والثانية، وما صنعه مصعب بن عمير مبعوث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، ثم هجرته- صلى الله عليه وسلم- وصاحبه إليها في العام الثالث عشر بعد البعثة، نقف لنتذكر بناء أول مسجد في المدينة، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وبين الأوس والخزرج، نقف لنتذكر قول الحق تبارك وتعالى ﴿لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ ورِضْوَانًا ويَنصُرُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* والَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ والإيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِمْ ولا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ (الحشر: 8،9( نقف لنتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم- : "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها"، وقوله حينما سئل: أي الهجرة أفضل يا رسول الله؟، قال: "أن تهجر ما كره ربك"، نقف لنتذكر تلك النظرة العبقرية العمرية إذ جعلت هجرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم- بداية تأريخ أمة الإسلام على أساس أنها تمثل حدثًا جللاً في تاريخ الإسلام والمسلمين. الهجرة.. إعداد وجهاد وليقرأ المسلمون صحائفَ الهجرة مفكرين، متعظين، متدبرين عبرها، متفهمين دروسها، فاجعلوها هاديًا لكم في جهادكم، إذا أَلَمَّ بكم حدث، أو نزل بكم ظلم، أو نابتكم نائبة، أو لاحقكم طغيان. إن الهجرة وليدة تفكيرٍ طال به العهد، وأُعِدَّت له العدة، ونُظِّمت له الطرق، ولم تكن فرارًا من شقاءٍ إلى نعيم، ولم تكن ترك جهدٍ إخلادًا لراحة، بل إن جهود المسلمين بعد الهجرة تضاعفت، ومسئوليتهم كَبُرت، واتسعت، وعلموا أنهم دعاة الناس جميعًا إلى الهدى والرشاد. إن الهجرة لجوءٌ إلى كل حركة تخدم الدعوة، وهجرة من أسلوب إلى أسلوب، ومن خطة إلى خطة، وتفتيح لمسالك التحرك المثمر، فالداعية الواعي إذا تعثرت به خطة لجأ إلى غيرها؛ سعيًا إلى الله، وحرصًا على رضاه، واستجلابًا للنتائج الطيبة، هذا مع الالتزام الكامل بأصول دعوته وفروعها، غير مُبدِّل بحجة التطور، ولا مُغَيِّر بحجة التجديد. الهجرة.. وإقامة الدولة لم تكن الهجرة فرارًا ولا هزيمة، ولا قعودًا، إنما كانت حركة، شهد معها العالم لأول مرة في تاريخه مجتمعًا إنسانيًا يقوم على: شريعة كاملة، وأمة فاضلة، ودولة عادلة. فأما الشريعة فقد قامت في المدينة على: التوحيد، الذي تتفجر به في النفس الإنسانية أصفى منابع الشعور والتسامي. وعلى العمل الصالح الذي يفيد صاحبه وينفع الناس. وعلى الجزاء في الدنيا بالقصاص المدني والرباني، وفي الآخرة بالعذاب والإيلام. وأما الأمة فقد قامت على الحب بين جميع عناصرها المختلفة، كما قامت على الوحدة في كل مظاهر حياتها، وتصرفاتها، ولقد سبق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كل النظم الاجتماعية العصرية، في تقرير أن رباط المصلحة القومية لا يتنافى أبدًا مع الخلاف في العقيدة الدينية، وتأكيد ذلك بوثيقة سياسية، هي ولا شك أول معاهدة من نوعها في التاريخ، كما قامت هذه الأمة بعد الوحدة والحب على الإخاء والتكافل العملي في كل نائبات الحياة. وأما الدولة فقد قامت على العدل التام، الذي يجعل رئيسها الأعلى يعلن في وضوح أن فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم- لو سرقت لقطع يدها، كما قامت على الفداء، فكل عضو من أعضائها على تمام الاستعداد لبذل دمه وروحه وماله في سبيل إعلاء كلمة الله. لا ضعف ولكن قوة.. لا تردد ولكن إقدام إن الأهوال والصعاب سمة من سمات الدعوات الخيِّرة، وستظل المحاولات الضارية تذهب وتجيء ضد الإسلام، وستظل قوى الشر تحاول وتضغط على المسلمين في كل مكان على الأرض فيه مسلمون، ليصرفوهم عن دينهم، ولكن الزمان يسري في بطون التاريخ قرنًا بعد قرن، حافلاً بما يُدَبَّر فيه للمسلمين، ومع ذلك سيظل المسلمون مسلمين رغم أنف الدنيا ومن فيها: ﴿.. ولا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إنِ اسْتَطَاعُوا.. ﴾ (البقرة : 217).
الهجرة.. مواقف ودروس
تعتبر الهجرة النبوية المباركة من مكة إلى المدينة أهم حدث في تاريخ الدعوة الإسلامية، إذا كانت نقطة تحول في تاريخ المسلمين من أمة دعوة يبلغون دعوة الله للناس دون أن يكون لهم كيان سياسي يحمي الدعاة، إلى دولة الدعوة التي أخذت على عاتقها نشر الإسلام، وتتكفل بالدفاع عنهم وحمايتهم من أي اعتداء. لقد كانت الهجرة النبوية خطوة مباركة في الطريق إلى النصر والعزة والسيادة، ومن أجل العقيدة والمبدأ، وفي سبيل الله هاجر الرسول- صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله. والهجرة هي التطبيق العملي لهذه الرسالة الخالدة يكشف عن معادن الرجال وعن الإيمان وما يضعه في النفوس حين يكتمل فيها ويستقر، ولقد تحول المسلمون المهاجرون إلى كتلة من الحب والوفاء لقائدهم والتضحية بكل شيء في سبيل عقيدتهم، والمبدأ الذي بايعوا عليه، ويظهر هذا الحب العميق الذي سيطر على قلب "أبي بكر الصديق" لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الهجرة فنرى مواقف عدة تعبر عن هذا الحب الرباني منها: • ولما انتهيا إلى الغار قال أبوبكر: والله لا تدخله حتى أدخل قبلك فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فكسحه، ووجد في جانبه ثقبًا فشق إزاره وسدها به وبقي منها اثنان فألقمها رجليه ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: أدخل فدخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ووضع رأسه في حجره ونام، فلُدغ أبو بكر في رجله من الجحر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسقطت دموعه على وجه رسو الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: مالك يا أبا بكر؟ قال: لُدِغت فداك أمي وأبي، فتفلَّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فذهب ما يجده. ونتعلم من هذا الموقف ذلك الحب النابع من القلب بإخلاص ولم يكن حب نفاق أو مصلحة أو رغبة في منفعة، هذا الحب الذي يدفع إلى الفداء والتضحية والحرص على راحة النبي- صلى الله عليه وسلم. • وعندما جاء عبدا لله بن أريقط بالراحلتين، وحينئذٍ قال أبو بكر للنبي- صلى الله عليه وسلم: بأبي أنت يا رسول الله خذ إحدى راحلتي هاتين، وقرب إليه أفضلهما، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالثمن. ونتعلم من هذا الموقف إيثار أبو بكر- رضي الله عنه- وعفة النبي- صلى الله عليه وسلم. • وكان من دأب أبي بكر- رضي الله عنه- أنه كان ردفًا للنبي- صلى الله عليه وسلم- وكان شيخًا ونبي الله- صلى الله عليه وسلم- شابًا لا يُعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: مَن هذا الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني الطريق، فيحسب السائل أنه يعني به الطريق، وإنما يعني سبيل الخير، ونتعلم من هذا الموقف هذا الأدب الجم والاحترام والتقدير للقيادة. • ويظهر أثر التربية النبوية في جندية "أبي بكر الصديق"، فأبو بكر- رضي الله عنه- عندما أراد أن يهاجر إلى المدينة وقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبًا" لقد كان يدرك بثاقب بصره- رضي الله عنه- أن خطة الهجرة قد تأتي فجأة، فأعد عدته وأخذ أهبته وأعد كل أفراد أسرته ليكون لهم دور في هذه الخطة.. تلك هي الجندية الصادقة التي تحول الإشارة والتلميح إلى إعداد وتجهيز مع حسن الطاعة والالتزام. ولنعلم أن القيادة الراشدة هي التي تستطيع أن تقود الأرواح قبل كل شيء، وتستطيع أن تتعامل مع النفوس قبل غيرها، وعلى قدر إحسان القيادة يكون إحسان الجنود، وعلى قدر البذل من القيادة يكون الحب من الجنود؛ فقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- رحيمًا وشفيقًا بجنوده وأتباعه فهو لم يهاجر إلا بعد أن هاجر معظم أصحابه.
• إن الهجرة سنة من سنن الله مع أنبيائه ورسله منذ آدم عليه السلام وهي سنة ماضية لا تتخلف لمن طلب لدينه النصر، وقد ضُيق عليه ومُنع من تبليغ دعوته، وفتن هو ومن معه من المؤمنين.. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا* إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً* فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾ (النساء:97-99). والهجرة هي إيواء المؤمنين، ورعايتهم في جوار الله تعالى، يقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ (النساء:100) ويقول سبحانه ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. (الأنفال: 26)
من وحى ذكرى الهجرة
أطل على الأكوان و الخلق تنظر /// هلال رآه الـمسلـمون فكبروا
تجلى لهم في صورة زاد حسنها /// على الدهــر حسنا أنها تتكــر
وبشرهم من وجهه وجـبـينـه /// وغرته والناظرين مبشر
وأذكـرهم يومــا أغر مـحجــلا /// به توج التاريخ والسعد مسفر
وبشرهـم مـن وجـهـه وجـبـيـنـه /// وغرته والنـــاظرين مـبـشـر
وهاجر فيه خير داع إلى الهدى /// يحـف به من قـوة الله عسـكـر
يماشيه جبريـل وتسـعى وراءه /// ملائكـة ترعى خطاه ونـخفـر
بيـسراه برهان من الله سـاطع /// هدى ، وبيمناه الكتاب المطهر
فكان على أبـواب مكة ركـبـه /// وفي ((يثرب)) أنواره تـتفجر
حافظ إبراهيم عن (( ديوان حافظ إبراهيم))
في ضوء هذا تأتي هذه الرسالة التي نقف فيها بعض الوقفاتِ في ظلال الهجرةِ الكريمة، سائلين الله العظيم أن يلهمنا رشدنا، وأن يُوفقنا لما فيه عز الإسلام والمسلمين. 1 - الإخلاص في الهجرة الإخلاص للّه تعالى في كل عملٍ هو أساس قبوله، ومحور صلاحه، وقد كانت الهجرة درسًا بليغًا في ذلك، وكان التأكيد على الإخلاص فيها أشد، حتى اختصت الهجرة من بين سائر الأعمال الصالحة بأن ضُرِب بها المثل في ذلك. فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ، وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ". وكان المهاجرون الكرام- رضوان الله عليهم- على تمام العلم بذلك، وعلى كمال الإخلاصِ في هجرتهم، كما وصفتهم بذلك الآيات والأحاديث الكثيرة. أجل، خرجوا يريدون وجه الله، لا ينتظرون أجرًا ممن سواه وشهد لهم بذلك ربُّ العزة جلَّ وعلا، فقال: ﴿لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ الله وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ (الحشر: . ولم يحفظ لنا التاريخ منْ هاجر لمعنى آخر، غير رجل واحد هاجر يبتغى الزواج من إحدى المهاجرات. فعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: "مَنْ هَاجَرَ يَبْتَغِي شَيْئًا فَهُوَ لَهُ"، وقال: "هاجر رجل ليتزوج امرأةً يُقال لها أم قيس، فكان يُقال له: مهاجر أم قيس" (أخرجه الذهبي بسنده في سير أعلام النبلاء وقال: إسناده صحيح، وعزاه ابن حجر في الفتح إلى سعيد بن منصور). وفي رواية قال: "كان فينا رجلٌ خطب امرأةً يُقال لها أم قيس، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر، فهاجر، فتزوجها، فكنا نسميه: مهاجر أم قيس" (أخرجه الطبراني في الكبير، وقال الهيثمي في المجمع: (رجاله رجال الصحيح) وبهذا الإخلاص وهذه التضحية استحقَّ أولئكم النفر الكريم الفضيلة التي خصهم الله بها، والدعاء الذي دعا لهم به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأن يتقبَّل الله هجرتهم، وأن يُمضي أجرهم. فقد أخرج الشيخان عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال وهو يعوده من مرضٍ ألمَّ به "اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ
كيف نعلم أبناءنا الاحتفال بالهجرة..؟
الهجرة النبوية الشريفة حدثٌ مهم في تاريخ الإسلام، ومحطةٌ بارزةٌ في التغيير الإيجابي، ومدرسة عظيمة في التربية على العديد من المبادئ والقيم؛ لذا يجب أن تحرص الأسرة المسلمة على توظيف هذه الذكرى العظيمة مع الأبناء، من خلال جلسة الأسرة التي يجتمع فيها الأب والأم والأبناء للمدارسة، ومن خلال أنشطة عديدة تساعد على زرع القيم والارتقاء التربوي بفلذات أكبادنا؛ حتى يهاجروا بأمتهم من الضعف والتخلف والمعاصي إلى القوة والنصر والتمكين وطاعة الله تعالى. ومع الدروس والعبر والقيم والمبادئ التي يجب أن نعلِّمها لأبنائنا من خلال الهجرة النبوية الشريفة: نعلم أبناءَنا أن النجاح في الحياة له جناحان: الجناح الأول: هو الأخذ بالأسباب والتخطيط الجيد والإعداد المدروس الجناح الثاني: هو التوكل على الله والاعتصام به واستشعار معيته نعلم أبناءنا الاعتزاز بالهوية الإسلامية، وذلك بالاهتمام بالتاريخ الهجري، والاعتزاز بالتاريخ الإسلامي العظيم، ويا حبَّذا أن نحفِّظهم الأشهر الهجرية، ونعوِّدهم أن يكتبوا التاريخ الهجري في كراساتهم، وأن ينظِّموا حياتَهم عليها. نعلم أبناءنا دور الأطفال والفتيان العظيم في نصرة الإسلام عبر التاريخ الإسلامي، والمتمثل في الهجرة.. في دور عبد الله بن أبي بكر الصديق (ضابط المخابرات)، وعلي بن أبي طالب (الفدائي العظيم)، وعامر بن فهيرة (المختص بالإخفاء والتمويه) بقطيع من الغنم يداري أثَر رسول الله- صلى الله عليه وسلم. نعلم أبناءنا القيمة العظيمة للأمانة في الإسلام، وكيف استبقى رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم- سيدَنا عليَّ بنَ أبي طالب ليردَّ الأمانات إلى أهلها، وهم الكافرون أعداء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فنحن نرعى حقوق الناس جميعًا حتى حقوق الأعداء، وهذه فرصة لندِّرس خلق الأمانة لأبنائنا. نعلم أبناءنا الفدائية المتمثلة في مبيت سيدنا علي مكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وفي خارج البيت أربعون رجلاً يتربصون بالقتل، فالمسلم بطل وفدائي ولا يهاب الموت في سبيل الله. نعلم أبناءنا الشجاعة العظيمة الرائعة المتمثلة في موقف سيدنا عمر بن الخطاب وتحدِّيه لرجال الباطل بأجمعهم عند هجرته. نعلم أبناءنا أن الباطل مهما كان قويًّا فالله تعالى أقوى من أي قوى، وأن الباطل نهايته الهزيمة والفشل مهما طغى وتجبَّر، ومهما امتلك من إمكانيات ومهما خطط ودبَّر. نعلم أبناءنا حماية الله تعالى لعبادة المؤمنين ورعايته لهم في أحلك الظروف والمواقف:
- خروج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من منزله المحاصَر بأربعين رجلاً لقتله، وهو يقرأ القرآن، ويعتصم بالله:"وَجَعَلنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ" (يس: 9)، فلم يخرج ناجيًا فقط بل وَضع التراب فوق كل الرؤوس الكافرة. - نجاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من إمساك الكفار به وهو في الغار، وسيدنا أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- يقول: "لو نظر احدهم تحت قدميه لرآنا"، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول له واثقًا من حماية الله ومعيته: "لا تحزن إن الله معنا"، فلا تحزن يا حبيبي الصغير وأنت ترى قوة الباطل، فالله تعالى أقوى الأقوياء مع عباده المؤمنين. - حماية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رحلة الهجرة من ملاحقة سراقة بن مالك، الذي غاصت أقدام فرسه في الرمال، فلم يستطع الإمساك به؛ لأن رعاية الله تحفظ عباده المؤمنين. نعلم أبناءنا أهمية التغيير الإيجابي، فالهجرة هي أكبر محطة للتغيير في التاريخ الإسلامي، ومعناها الحقيقي هو السعي الدائم لتغيير الأوضاع السيئة إلى أوضاع حسنة. نعلم أبناءنا حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه". فهيا يا أبناءَنا الأعزاء نهجُر الأوضاع الضعيفة إلى أوضاع قوية، فنهاجر من الإهمال إلى الاهتمام، ونهاجر من التراخي إلى الجدِّ، ونهاجر من الكسل إلى النشاط، ونهاجر من الفوضى إلى النظام، ونهاجر من الألفاظ السيئة إلى الطيب من القول، ومن التقصير في حقوق الوالدين إلى برِّهما، ومن معصية الله إلى طاعته، وبالتالي نرتقي إلى مرحلة جديدة فنحقق المقصود من الهجرة. نعلم أبناءنا الاحتفال باستقبال الصالحين والفرح بنصر المؤمنين طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع نعلم أبناءنا أهمية المسجد في الإسلام وحياة المسلمين، فكان أول شيء فعله رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة هو بناء المسجد. نعلم أبناءنا أهمية الأخوَّة في الله، وقوة العلاقة بين المؤمنين لتحقيق النصر، ويتمثل ذلك في مؤاخاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين الأنصار. نعلم أبناءنا عمل الأنشطة الآتية عن الهجرة: - تقديم فقرات في الإذاعة المدرسية. - عمل وتعليق مجلات حائط. - عمل بحث عن الهجرة ودراستها من كتب السيرة. - عمل رسومات تصويرية لأحداث الهجرة. - دراسة ورسم خريطة الهجرة وخط سيرها. - عمل مسرحية عن الهجرة. - حفظ أناشيد عن الهجرة. -بحث ولو من ورقة واحدة عن: (على ضوء دروس الهجرة.. ما هي الأشياء التي تريد تغييرها في أنشطتك ونظام حياتك..؟!). | |
|