إجراءات التحقيق الإداري مع الموظفين
أولاً- إجراءات المرحلة السابقة على التحقيق:
أولاً : الإحالة إلى التحقيق :
تعد الإحالة إلى التحقيق من الشكليات الجوهرية ومنها تبدأ إجراءات التحقيق للكشف عن حقيقة التهمة المنسوبة إلى الموظف المخالف وتوقيع الجزاء التأديبي عليه، فهي تعتبر ضمانة للموظف المخالف حتى لا يفاجأ بدون مقدمات بإحالته إلى التحقيق لما في ذلك من أضرار معنوية وأدبية، والإحالة إلى التحقيق تكون بموجب قرار إداري أو مذكرة صادرة من صاحب الصلاحية المختص بالتأديب في الجهة الإدارية أو من يفوضه.
تنويه : يتعين اتخاذ جانب الحرص عند الإحالة إلى التحقيق بحيث:
- ينبغي ألا يكون التحقيق قائماً على شبهة أو نكاية أو عداوة.
- ينبغي عدم التهاون في الإحالة إلى التحقيق حتى لا يؤدي ذلك إلى التسيب ومكافأة المخالف.
2- استدعاء الموظف المخالف للتحقيق معه:
هو إجراء يكلف به المحقق الموظف المخالف بالحضور في المكان والزمان المحددين بالاستدعاء لسؤاله عما هو منسوب إليه أو لاستجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود.
وينبغي أن يتضمن الاستدعاء اسم الموظف المخالف ولقبه ووظيفته ومحل إقامته وتوقيع من أصدره، فضلاً عن اشتماله على الزمان والمكان اللذين يحضر فيهما.
3 - دراسة الأوراق:
يجب على المحقق قبل البدء في التحقيق أن يقوم بدراسة كل أوراق القضية وأركانها وكل ما يتعلق بها لكي يتمكن من تحديد نوعية المخالفة المطلوب التحقيق فيها ولمعرفة اختصاص وطبيعة عمل الموظف المخالف.
ثانياً- الإجراءات التي ينبغي مراعاتها أثناء التحقيق:
1- وجوب أن يكون التحقيق مكتوباً: نصت المادة (35) من نظام تأديب الموظفين على أنه.. ولا يجوز توقيع عقوبة تأديبية على الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه وإثبات ذلك في القرار الصادر بالعقاب أو في محضر مرفق به.
2- وجوب بداية التحقيق بمواجهة الموظف المخالف بالتهمة المنسوبة إليه وإحاطته بوضوح أنه بصدد تحقيق رسمي معه بشأن هذه التهمة وإفهامه أن ذلك يؤدي إلى توقيع عقوبة تأديبية عليه في حالة الإدانة(2).
3- استجواب الموظف المخالف بأن توضح له جميع تفاصيل المخالفة المنسوبة إليه ومجابهته بالأدلة المختلفة القائمة ضده ومناقشته فيها تفصيلياً ومطالبة المتهم بالرد على ما هو منسوب إليه من وقائع وأدلة اتهام، وتمكينه من الدفاع عن نفسه من خلال طلب الشهود والمستندات وخلافه التي تؤيد براءته.
4- سماع شهود الإثبات ومواجهة المخالف لهم إذا رأى المحقق ضرورة لهذه المواجهة وإثبات كل ذلك في محاضر التحقيق.
5- سماع شهود النفي الذين يطلب المخالف سماع شهادتهم مع التأكيد على حرية المحقق في تحديد الشهود الذين يستمع إليهم ولكن بالقدر الذي لا يهدر حق الموظف في الدفاع عن نفسه.
6- الاطلاع على الأوراق والمستندات المتعلقة بالمخالفة محل التحقيق وإرفاق صورها بمحاضر التحقيق.
7- وجوب اتخاذ إجراءات التحقيق في حضور الموظف الذي يجري التحقيق معه.
8- مواجهة الموظف في نهاية التحقيق بجميع الأدلة والقرائن القائمة ضده ومطالبته بالرد على كل منها على حدة.
9- أن يقتصر التحقيق في الأمور المباشرة المتصلة بالتهمة والكاشفة عن حقيقتها.
10- للمحقق أن يبدأ تحقيقاته من حيث انتهت التحقيقات السابقة متى رأى جديتها وسلامتها بعد مواجهة المحقق معه بها وإقراره بصدورها منه.
11- في حالة الانتقال للمعاينة يجب عمل محضر، يذكر فيه وقت الانتقال وعدد المرافقين وسبب الانتقال وكل ما شاهدوه أو وجدوه في المكان.
12- التقارير الواردة من الخبراء يكتب نصها في دفتر محاضر التحقيق ثم يرفق التقرير نفسه ضمن ملفات القضية.
13- إذا اقتضى الأمر إجراء مواجهة بين المحقق معهم يثبت في سطر مستقل من محضر التحقيق عبارة (مواجهة) وفي السطر التالي مباشرة يجري إثباتها وبعد الانتهاء منها يكتب في سطر مستقل عبارة (تمت المواجهة) ويوقع أمامها من أجريت بينهم المواجهة والمحقق وكاتب الضبط إن وجد.
14- وجوب إثبات كل أقوال ووقائع التحقيق في محاضر التحقيق كل في وقتها وملاحظة توقيع المحقق والمخالف والشهود وكاتب الضبط إن وجد.
15- بعد انتهاء التحقيق في القضية يقوم المحقق بإعداد مذكرة تفصيلية يوضح فيها وقائع القضية والإجراءات التي تمت بشأنها والتحقيقات التي أجريت فيها والنتائج التي تم التوصل إليها والرأي النظامي فيها.
محضر التحقيق
ينبغي على المحقق الإلمام بمشتملات محضر التحقيق وإجراءاته لكي يكون التحقيق وفقاً للأصول النظامية.
1- تعريفه:
هو الوعاء الذي يحوي أدلة البراءة أو الإدانة وإجراءات التحقيق، وهو خير دليل صامت، ولم يرد في نظام التأديب أو غيره نصوص تفصيلية تحدد شكلاً لمحضر التحقيق ولكن يستلزم في إعداده بعض الشكليات الجوهرية التي يجب على الجهة الإدارية المختصة التقيد بها لضمان سلامة إجراءات التحقيق.
2- شكلية المحضر (بياناته):
أ- يجب على المحقق عند افتتاحه للمحضر أن يبين: اسمه ووظيفته وتاريخ ومكان وساعة افتتاحه، والأمر المستند إليه في ذلك وموضوع القضية باختصار، وتدوين اسم المستجوب رباعياً وعمره، ومهنته، ومرتبته الوظيفية، وجنسيته ورقم هويته وتاريخها، ومصدرها مع إيضاح العنوان كاملاً ويقوم المحقق بالاطلاع عليها ويدون أنه تم الاطلاع عليها وأعيدت إلى صاحبها.وقد نصت المادة (11) من نظام تأديب الموظفين على أنه (يكون التحقيق كتابة ويثبت في محضر أو محاضر مسلسلة يبين فيها تاريخ ومكان وساعة افتتاحه وإتمامه وتذيل كل ورقة من أوراق التحقيق بتوقيع من تولى التحقيق).
ولما كان النص يستوجب توقيع من تولى التحقيق على كل ورقة فإنه من اللازم أن يبين اسم من يتولى التحقيق في صدر المحضر، ولا يجوز إغفال ذلك اعتماداً على توقيعه في ذيل كل صفحة.
ب- ينبغي أن يكون تدوين المحضر بخط واضح ولا يجوز المسح أو الشطب أو التحشير أو التعديل أو إلغاء أي صفحة من صفحات المحضر وفي حال الخطأ في عبارة توضع بين قوسين ( ) ويكتب بجانب القوس الأخير عبارة (ملغي) ويوقع المحقق أمام التعديل فالمادة (11) المشار إليها سلفاً أكدت على أنه (لا يجوز الشطب أو التعديل في أوراق محاضر التحقيق).
ج- بعد الانتهاء من تحرير المحضر ينبغي أن يثبت المحقق في نهايته ما يفيد قفله وساعة ذلك مع بيان تاريخ الجلسة التالية والإجراء الذي سيتخذه لمعرفة ما إذا كان التحقيق قد انتهى أم لا، (لأجل استكمال إجراءات التحقيق يقتضي الأمر بيان الإجراء التالي المطلوب اتخاذه).
د- لا يجوز استخدام محضر جديد لنفس القضية ما لم ينته المحضر السابق.
هـ- يجب على المحقق التوقيع على كل ورقة من أوراق التحقيق، أما بخصوص ضبط أقوال كل من تسمع أقواله في التحقيق فيلزم أن يكون على النحو التالي:
1- أن تتلى عليه أقواله بعد الانتهاء منها ويثبت إقراره بها وإصراره عليها ويثبت بعد السؤال الأخير والإجابة عنه أنه (تليت عليه أقواله فأقرها ووقع) فإذا أراد إضافة أقوال جديدة يثبت ذلك في المحضر وتسمع هذه الأقوال.
2- أن يوقع من تسمع أقواله أو يختم أو يبصم بعد الانتهاء من أقواله وإقراره بها، فإذا امتنع فإنه ينبغي إثبات واقعة امتناعه في المحضر مع بيان الأسباب.
3- أن يوقع من يتولى التحقيق بعد الانتهاء من سماع أقوال من أدلى بها.
3- تحرير المحضر
نصت المادة العاشرة من اللائحة الداخلية لهيئة الرقابة والتحقيق على أنه (يتولى المحقق أو كاتب التحقيق إن وجد تحرير محاضر الاستجواب ولا يجوز للمأخوذة أقواله كتابة إجابته بنفسه، على أن يقدم مذكرة بخطه وكذلك الإقرارات التي تصدر عنه في أوراق مستقلة، ويجب توقيع المحقق وكاتب التحقيق على كل صفحة من صفحات التحقيق، ويوقع المأخوذة أقواله على كل إجابة له)(3).
والحكمة من ذلك تكمن في أن التحقيق عبارة عن أسئلة توجه من المحقق يتلقى الإجابة عنها مباشرة، وفي هذا الأسلوب ما يتيح الفرصة للوصول إلى الحقيقة من خلال الاستفسارات التي يثيرها المحقق ويواجه بها الموظف المخالف أو الشاهد دون توقع، فتجعل إجاباته أقرب للحقيقة حيث تقل فرصة الاختلاق ويظهر ما قد يلجأ إليه من تناقض يكشف كذبه. فضلاً عن ذلك الخشية من خروج المخالف أثناء كتابته للإجابة بنفسه عن موضوع التحقيق مما يكون مدعاة لضياع الوقت والجهد وقد تكون سبباً في ضياع الحقيقة. إضافة إلى ذلك عند توجيه السؤال إليه وتلقي الإجابة منه يمكن أن تخرج بعض الكلمات دون قصد، أو تغير وجهه أثناء طرح السؤال عليه، كل ذلك يفيد المحقق في تكوين عقيدته بخصوص المخالفة.
على أن النظام لم يمنعه مع ذلك من حق تقديم مذكرة بخطه يوضح فيها أوجه دفاعه أو يقر فيها بحقيقة يريد أن يعترف بها إبراءً لذمته.
وما دام المحقق هو الذي يتولى تحرير محاضر الاستجواب فإنه ينبغي إثبات نص السؤال الموجه إلى المتهم، ولا يجوز أن يثبت بالمحضر مثلاً أن المحقق سأل المتهم أو الشاهد عن كذا، كما يجب أن تثبت الإجابة بعباراتها دون تغيير أو تنقيح لتكون حجة للمتهم أو عليه.
أسلوب توجيه الأسئلة
يتعين على المحقق مراعاة النقاط التالية في طرح الأسئلة لضمان كشف الحقيقة:
1- أن تكون الأسئلة الموجهة إلى المخالف مباشرة لكي يفهم السؤال ويتمكن من الإجابة عنه بوضوح.
2- ألا يكون السؤال الموجه مما يتوقع أن تكون إجابته طويلة، لأن صياغة الأسئلة يجب أن تكون مختصرة وكذلك الإجابة عنها.
3- الابتعاد عن الأسئلة التي تكون الإجابة عنها بنعم أو لا فلا تبدأ الأسئلة بعبارة (هل) فهذه الأسئلة تخصصية أو حصرية لأنها تحصر المخالف بالإجابة بنعم أو لا، وفضلاً عن ذلك يستحسن أن تبدأ الأسئلة ب(لماذا، كيف، متى، أين) لأن تلك الأسئلة تفتح الآفاق أمام المتهم نحو الإجابة مما تكون سبباً للوصول إلى الحقيقة بالطرق المشروعة.
4- يفضل طرح السؤال شفاهة وتسمع الإجابة ثم يدون المحقق أو كاتب التحقيق السؤال والجواب.
5- يفضل أن تكون الأسئلة مترابطة ومتماسكة بعضها ببعض مع مراعاة التدرج في الموضوع.
6- يفضل عدم مقاطعة المخالف فيما يدلي من إجابة ما لم يخرج عن موضوع السؤال حتى تكون الوقائع والأحداث التي يدلي بها مرتبة ومنتظمة.
( 1 ) يجب التفرقة بين طلب التحقيق وبين الإحالة إلى التحقيق، فطلب التحقيق لا يعدو أن يكون مثل الشكوى قد تنتهي بالإحالة إلى التحقيق وقد لا تنتهي إلى ذلك وبعد عدم التحقيق في الشكوى رفضاً لها، بيد أن إحالة الموظف إلى التحقيق هو الإجراء الأول في الادعاء، ثم الإجراءات الأخرى. لواء محمد ماجد ياقوت، مرجع سابق، ص159 نقلا عن د.ماهر عبدالهادي، الشرعية الإجرائية في التأديب، أصول القوانين الطبعة الثانية 1986، ص241
( 2 ) حفاظاً على كرامة المرأة صدر تعميم وزارة الداخلية رقم (28562) في 11-7-1395هـ والذي تضمن بعض القواعد التي يجب مراعاتها عند التحقيق مع النساء والتي من أهمها أن يوجد مع المرأة المراد التحقيق معها محرم طوال مدة التحقيق وإذا تعذر وجوده، يجري التحقيق معها بحضور مندوب من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
( 3 ) الواقع العملي يبين أن محقق الجهة الإدارية في معظم الجهات الحكومية يكلف الموظف المحقق معه بكتابة إجابته بنفسه بعد تسليمه ورقة تتضمن مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالمخالفة ويطلب منه الإجابة عنها بخط يده ثم بعد ذلك يعيد تسليمها إلى المحقق. نحن نرى أنه لا يمكن الأخذ بهذا الأسلوب لأنه يتنافى والحكمة من تحرير محاضر الاستجواب بواسطة المحقق أو كاتب التحقيق التي نصت عليها المادة العاشرة من اللائحة الداخلية لهيئة الرقابة والتحقيق.